الامراض الناتجة من تناول الغذاء و دور الجهات الرقابية في حماية المستهلك
الامراض الناتجة من تناول الغذاء (foodborne diseases )
تعرف هذه النوعية من الامراض بانها الامراض الناتجة من تناول غذاء ملوث بمسبب المرض الذي قد يكون ميكروبي او كيميائي اوسموم طبيعية
( resulting from the consumption of contaminated food, pathogenic bacteria, viruses, or parasites that contaminate food, as well as chemical or natural toxins such as poisonous mushroom) .
وقد وجد انها تمثل نسبة عالية تصل الي(30 %) من مجموع الامراض التي تصيب البشر سنوياً في الدول الصناعية المتقدمة Industrialized countries) (ففي الولايات المتحدة علي سبيل المثال وجد ان هنالك 76 مليون حالة من الامراض الناتجة من تناول الغذاء ) foodborne diseases ( تصل حالات الوفاة ل )5000( حالة تقريباً سنوياً ، اما في الدول النامية(Developing countries) ونسبة لعدم وجود سجلات فيصعب تقدير النسبة المئوية للحالات ولكن ذكرت بعض الدراسات انها تزيد عن (60%) من مجموع الامراض التي تصيب البشر سنوياً .
الامراض الناتجة من تناول الغذاء foodborne disease) (في غالب الحالات تكون الاصابة فردية ( sporadic ) لكن احياناً تاخذ الشكل الوبائي) outbreak (كما حصل في الولايات المتحدة 1994م بسبب اسكريم ملوث بالسالمونيلا اصيب فيها بالتسمم 224 الف شخص وحالة اخري بالصين عام 1988م اصيب خلالها 300 الف شخص بالتهاب الكبد أ
(hepatitis A) نتيجة تناول صدفيات ملوثة بالفيروس المسبب للمرض (contaminated clams) .
وباستعراض سريع لاهم الامراض الناتجة من تناول الغذاء foodborne disease) ( نجد ان الامراض الناتجة من التلوث بالميكروبات الممرضة (pathogenic) تأتي في المقدمة وتاثيرها المرضي غالباً (حادة الشكل) واكثر الميكروبات الممرضة تاثيرا نجد فى المقدمة بكتريا السالمونيلا المسببة لمرض (Salmonellosis) ومن اكثر الاغذية الناقلة لها البيض ، الدواجن واللحوم الاخري اضافة للحليب الخام والشوكولاته ، ثم تاتي بكتريا الكامبلوباكتر المسببة لمرض (Campylobacteriosis ( ومن اكثر الاغذية الناقلة لها الحليب الخام ، لحوم الدواجن الخام او قليلة الطبخ . عموما لاتقتصر الامراض الناتجة من تناول الغذاء foodborne disease) ( علي الميكروبات فقط، فالملوثات الكيميائية للاغذية (Chemicals Contaminants ) من مختلف المصادر لا تقل خطورة رغم ان تاثيرها المرضي غالباً مايظهر علي المدي الطويل (مزمنة الشكل) عند التعرض لمستويات قليلة ومتكررة من التلوث وعلي فترات طويلة
(The effects of long term or repeated low level exposures) بخلاف الحالة الميكروبية حادة الشكل حيث ان التاثير المرضي يعقب التعرض للميكروب مباشرة اوبعد فترة زمنية قصيرة (Effects shortly after exposure )
ولكن عرفت كذلك حالات من التسمم الغذائي الكيميائي حادة الشكل كما حدث في اليابان (عام1960) في مدينتي
(Minimata, Nigata) وتسبب في موت واتلاف الجهاز العصبيnervous system damage) ) لـ (231) شخص نتيجة استهلاك اسماك ملوثة بمستويات عالية من الـ (methyl mercury). كذلك الحالة المؤلمة التي وقعت في بعض المناطق الريفية في العراق خلال فصل الشتاء بين عامي (1971- 1972) والتي تعرض فيها حوالي (50000) شخص من قاطني هذه المناطق للتسمم الغذائي نتيجة لاستهلاك خبز ملوث بال (methyl mercury) مما تسبب في موت ما يقارب (500) شخص ، ومما يؤسف له حقاً اسباب الحادث حيث ان بذور القمح التي صنع منها الخبز كانت معدة اساساً للزراعة لذلك تم معالجتها بمادة ال (methyl mercury) لغرض القضاء علي الفطريات (as a fungicide) فتم طحنها وتوزيعها مجاناً للمواطنين فوقعت الكارثة التي تدل علي مدي خطورة المعالجات الكيميائية التي تستخدم في الزراعة للوصول لاكبر عائد ممكن اذا لم يصاحبها رقابة واحتياطات فعالة.
دور الجهات الرقابية في حماية المستهلك
سلامة الغذاء كما وضح من تعريفها تعني توفر كافة الاشتراطات الصحية المطلوبة من لحظة الانتاج الأولي حتى الاستهلاك وذلك باستيفاء الغذاء المنتج لكل المعايير والمواصفات المطلوبة والمقبولة التي تدل علي حمايته من مخاطر الغذاء المعروفة اما بالقضاء التام عليها او انقاصها لحدود آمنة اومقبولة ، فالسلامة المطلقة (absolute safety) للغذاء ادعاء يستحيل اثباته اوغاية لا يمكن ادراكها لارتباطها بعوامل كثيرة متداخلة لايمكن التحكم قيها بصورة مطلقة .
تقوم الجهات الرقابية باداء دورها بالرقابة والتوجيه للمحلات العاملة في مجال الغذاء للتاكد من توفيرها لكل الاشتراطات الصحية العامة المطلوبة والتي تساهم بشكل جوهري في سلامة الغذاء مثل النظافة العامة وصحة العاملين ومطابقة كل العمليات التى يتعرض لها الغذاء من تداول و نقل وتوزيع وتعبئة وحفظ واعداد وطبخ...الخ للاشتراطات الصحية المطلوبة ،كذلك تقوم بالفحص والتحليل المختبري للتاكد من مطابقة الاغذية للمواصفات المطلوبة من حيث المحتوي الميكروبي والحدود الآمنة لمختلف المضافات الغذائية او الملوثات الكيميائية المحتملة حماية للمستهلك من المخاطر المختلفة المسببة للامراض الناتجة من تناول الغذاء وباستعراض سريع لاهم هذه المخاطرو كيفية تعامل الجهات الرقابية معها :-
- مخاطرالتلوث بالاحياء الدقيقة (bacteria, molds, parasites, virus , Microorganisms ( و تعتبر من اكثر انواع المخاطر تاثيراً وخطورة خاصة للفئات من المجتمع الاقل مناعة مثل الاطفال وكبار السن وتتميز دائماً باستجابة مرضية سريعة لفعلها المرضي الحاد الشكل (An acute effect) وللحد من مخاطر التلوث بالاحياء الدقيقة تقوم الجهات الرقابية بالرقابة المستمرة للتاكد من استجابة الشركاء المتعاملين في مجال الاغذية بتوفير كل الاشتراطات الصحية العامة المطلوبة للقضاء علي الميكروبات او المانعة للتلوث و التكاثر الميكروبي واهم الاشتراطات الخاصة بهذا الخصوص :-
1- صحة العاملين في مجال الاغذية وسلوكهم الصحي
2- المحافظة علي درجة حرارة الغذاء المانعة لتكاثر الميكروبات
3- حفظ الغذاء وحمايته من كل اسباب التلوث المحتملة
كما تقوم الجهات الرقابية باخذ عينات من الاغذية للتحليل المختبري للتاكد من مطابقة الغذاء للمواصفة من حيث المحتوي الميكروبي ، كذلك تقوم الجهات الرقابية بتقديم الارشادات للمستهلكين في كيفية التعامل مع الاغذية المختلفة لتجنب المخاطر المرتبطة بها .
- مخاطرالتلوث بالمركبات الكيميائية
أ- مخاطرالتلوث بالمركبات الكيميائية الموجودة طبيعيا في بعض المواد الغذائية Chemicals naturally present حيث تحتوي بعض النباتات والحيوانات بطبيعتها علي مركبات كيميائية سامة من امثلتها :-
1- نوع من بذور البازيلا sweet pea واسمه العلمي (Lathyrus odoratus) يحتوي مركبات معروفة بسميتها تسمي glutamyl-/3-aminopropionitrile وتسبب تشوهات بالهيكل العظمي skeletal deformities
2- بعض الاسماك والصدفيات تحتوي سموم طبيعية مثل paralytic shellfish poison وهي سموم طبيعية تكتسبها الصدفيات عندما تتغذي علي نوع من الطحالب السامة حيث تقوم الجهات الرقابية بمنع الصيد بالمناطق الملوثة بالطحالب السامة و بتحديد المناطق الخالية من التلوث لصيد الصدفيات كما توجد انواع من الاسماك المعروفة بسميتها مثل سمك puffer fish الحامل لسموم تسمي tetrodotoxin حيث يمنع بيع هذه النوعية من الاسماك ومن الامثلة الاخري الاسماك المنتجة للسموم المسببة للحساسية Scombrotoxin عند تعرضها لارتفاع درجة الحرارة حيث يتم اخضاعها للمراقبة والفحص للتاكد اولاً من عدم تعرضها لارتفاع درجة الحرارة وثانياً من مطابقة مستويات الهستامين بها للحدود الآمنة عند الفحص المختبري .
عموماً تقوم الجهات الرقابية بتحديد وتعريف انواع النباتات اوالحيوانات المعروفة بسميتها للشركاء والمستهلكين توعية بمخاطرها اضافة للجهود الرقابية لمنع تسربها للاسواق،كما ان هنالك نوعية من المخاطر لمركبات كيميائية موجودة طبيعياً نباتية اوحيوانية المصدر تحتاج لوعي المستهلك عند اختياره لنوع الغذاء الملائم له ولا يمكن منعها لما لها من فوائد بالمقابل مثل الدهون المشبعة Saturated fat في اللحوم الحمراء والحليب التي يمكن ان تسبب مشاكل صحية خطيرة cause serious health damage لفئة معينة من المستهلكين وفوائد ضرورية لفئات اخري .
ب- مخاطرالتلوث بالمركبات الكيميائية الناتجة بفعل حرارة الطبخ العالية Chemicals produced by cooking تقوم الجهات الرقابية بتحديد درجة حرارة الطبخ والمدد الزمنية المرتبطة بها والتي تكفي لقتل الاحياء الدقيقة الممرضة (70 درجة مئوية لمدة دقيقتين) او ما يعادلها ، فبقدر ما للفعل الحراري من فائدة بالقضاء علي الاحياء الدقيقة قد يتسبب في اضرار صحية خطيرة اذا تجاوز الحدود الموصي بها ، فاللحوم التي تشوي علي درجة حرارة عالية وجد انها تتسبب في تكون مركب كيميائي في اللحوم مسبب للسرطان A cancer-causing compound يسميpolycyclic aromatic hydrocarbon (PAH)، كذلك تحمير اللحوم علي درجات حرارة عالية وجد انه يتكون فيها مادة كيميائية مسرطنة تسمي heterocyclic amine (HCA). وايضاً تحمير البطاطا علي درجات حرارة عالية وجد انه يتكون فيها مادة كيميائية تسمي acrylamide يعتقد انها مادة مسرطنة ،كما ان اعادة استخدام الزيوت re-used frying oils في القلي والتحمير يؤدي لتغييرات كيميائية مسرطنة للجهاز الهضمي والجهاز التنفسي عند اكلها اواستنشاقها بصورة متكررة فالتوعية والمراقبة مطلوبة للحد من هذه النوعية من المخاطر.
ج- مخاطرالتلوث بالمركبات الكيميائية الناتجة من ملوثات بيئية Environmental Chemical Contaminants فالبيئة مصدر لكثير من الملوثات وخاصة الكيميائية التي يصعب تجنبها unavoidable contaminant سواء كان مصدرها الطبيعة او الانسان Natural or man-made ومن امثلتها nitrate, dioxins, lead, arsenic, mercury, حيث تقوم الجهات الرقابية بفحص الاغذية مختبرياً للتاكد من عدم تجاوزالملوثات للحدود الآمنة المسموح بها وغالباً ما يتم التنسيق والتعاون بين الجهات المسئولة عن البئية والمسئولة عن رقابة الاغذية في هذا الخصوص.
د- مخاطرالتلوث بالمركبات الكيميائية الناتجة من بقايا مضافات المنتجين في الاغذية Chemical Residues مثل Pesticide ,Fungicide, hormones ,anti-biotic ومضافات المصنعين للاغذية مثل , irradiation Additives Food كما برزحديثاً للسطح ومازالت تحت الدراسة الاغذية و المضافات المعدلة وراثياً
genetically modified food, or ingredients from genetically modified organisms,
ويمكن التعبير عنها جميعاً (man-made contaminant) حيث انها من صنع الانسان وتعتبر ملوثات اذا وجدت في المادة الغذائية بكمية تزيد عن المسموح به، حيث يسمح باستخدامها بكميات محدودة للضرورة التي يفرضها الواقع مثل ضرورة زيادة الانتاج الغذائي ليواكب الزيادة البشرية وضرورة تقليل التكلفة الانتاجية حتي تناسب محدودي الدخل مع ضرورة توفرالمادة الغذائية طوال العام حيث تقوم الجهات الرقابية بفحص المنتجات الغذائية مختبرياً للتاكد من عدم تجاوز الحدود الأمنة المسموح بها من المضافات الغذائية المسموح بها وخلوها من المتبقياتresidues للمركبات التي يمنع وجود اي بقايا منها بالمنتج الغذائي مثل يقايا الهرمونات والمضادات الحيوية بمنتجات اللحوم .
اعداد المهندس : علي حسن النو
